الفيدرالي الأميركي يضع حدّاً للغموض ويتّجه لرفع أسعار الفائدة
أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأربعاء استعداده لرفع معدلات الفائدة الأساسية في مارس/آذار وذلك للمرة الأولى منذ خفضها إلى الصفر مع تفشّي جائحة كوفيد، مشيراً إلى مستويات عالية من التضخم وانتعاش سوق
أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأربعاء استعداده لرفع معدلات الفائدة الأساسية في مارس/آذار وذلك للمرة الأولى منذ خفضها إلى الصفر مع تفشّي جائحة كوفيد، مشيراً إلى مستويات عالية من التضخم وانتعاش سوق العمل في أعقاب عمليات تسريح جماعي طبعت بداية الوباء.
ولم يحمل القرار الذي أعلنته اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح المسؤولة عن وضع السياسات النقدية في ختام اجتماع استمر يومين، الكثير من المفاجآت وخلا من أي مؤشرات على استعداد البنك المركزي لاتخاذ تدابير أشد من المتوقع للتصدي لموجة التضخم التي دفعت بأسعار الاستهلاك إلى أعلى مستوياتها في عقود العام الماضي.
وقالت اللجنة في بيان عقب الاجتماع إنّه "مع نسبة تضخم أعلى من 2%، وسوق عمل قوي، ترى اللجنة أنه سيكون من المناسب قريباً رفع النطاق المستهدف لمعدلات الفائدة للأموال الفيدرالية".
وألمح رئيس البنك جيروم باول بقوة إلى أن البنك على استعداد لرفع معدلات الفائدة في اجتماعه التالي.
وقال "أعتقد أن اللجنة تفكر في رفع معدلات الفائدة للأموال الفيدرالية في اجتماع مارس/آذار إذ ما كانت الظروف مواتية لذلك".
وعلى وقع إعلان باول تراجعت أسهم وول ستريت إلى المنطقة السلبية الأربعاء.
وجرى التداول بمؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية في المنطقة الإيجابية قبيل المؤتمر الصحافي لباول الساعة 19,30 ت غ. لكن طغا على المؤشرات الثلاثة اللون الأحمر في تعاملات بعد الظهر.
وكان تم تخفيض المعدلات الرئيسي للفائدة لتبقى بين 0 و0.25 %، في مارس/آذار 2020 في مواجهة جائحة كوفيد-19 لدعم الاقتصاد عبر الاستهلاك.
مكاسب قوية
ولا يزال واضعو السياسات يتوقعون ان تتراجع الضغوط على الأسعار، معتبرين أنه "من المتوقع أن يدعم التقدّم المحرز في اللقاحات وتخفيف قيود العرض المكاسب المستمرة في النشاط الاقتصادي والوظائف وأن يؤدّي إلى انخفاض التضخم".
غير أنهم أشاروا إلى مخاطر مستمرة تمثلها المتحورات المستقبلية للفيروس.
وبعد وعود بإبقاء معدلات الفائدة منخفضة لفترة أطول لضمان أن تستفيد من الانتعاش الاقتصادي فئات مهمّشة، تحرّك الاحتياطي الفيدرالي بسرعة للتصدّي للتضخم الذي تسارع العام الماضي.
غير أن بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح قال إن "التقدم المحرز في اللقاحات وتخفيف قيود العرض" يجب أن يؤدي إلى انخفاض التضخم.
إبطاء الطلب
ومهّد الاحتياطي الفيدرالي الأجواء في اجتماعه السابق في منتصف ديسمبر/كانون الأول عندما أعلن أنه سينهي برنامجه لشراء السندات في وقت أبكر مما كان متوقعا، أي اعتبارا من مارس/آذار بدلا من يونيو/حزيران.
كما أنه توقف للمرة الأولى عن وصف هذا التضخم بـ "الموقت" مع أنّه بلغ منذ أشهر مستوى أعلى بكثير من الهدف الذي حدّده على الأمد الطويل وهو 2 %.
وارتفعت الأسعار بنسبة 7 %، في 2021 في أسرع وتيرة تسجّل منذ 1982، بحسب مؤشر أسعار الاستهلاك (سي بي آي). لكنّ الاحتياطي الفيدرالي يفضل مؤشرا آخر للتضخم هو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (بي سي إي) الذي ستنشر بياناته لعام 2021 الجمعة.
ويفترض أن يسمح رفع أسعار الفائدة وفق تقديرات يومية بتخفيف حدة التضخم عن طريق إبطاء الطلب القوي.
وتحدّد معدلات الفائدة للأموال الفيدرالية كلفة الأموال التي تقرضها البنوك لبعضها البعض، لذا فإنّ رفعها يجعل الائتمان أكثر كلفة. وإذا أصبحت القروض أكثر كلفة يصبح استهلاك واستثمار الأفراد والمؤسسات أقلّ ما من شأنه خفض الطلب وبالتالي التضخم.
ديون الدول الناشئة
وبدا الاحتياطي الفيدرالي حتى الآن حذرا بشأن الزيادات خوفا من أن يؤدي ذلك إلى إبطاء الانتعاش الاقتصادي فجأة ومعه سوق العمل.
لكن البلاد عادت الآن تقريبًا إلى التوظيف الكامل وانخفض معدل البطالة في ديسمبر/كانون الأول إلى 3.9%، مقتربا من مستوى ما قبل الأزمة (3.5%) مع نقص اليد العاملة ما يجعل الموظفين في موقع قوة أمام أرباب العمل.
من جهته، يحذر صندوق النقد الدولي منذ أشهر من أن ارتفاع معدلات الفائدة بسرعة كبيرة قد يؤدي أيضًا إلى معاقبة البلدان الناشئة والنامية، التي يتم تحديد ديونها بالدولار.
وكانت كبيرة الاقتصاديين في الصندوق النقد الدولي جيتا غوبيناث صرّحت أنها تشكّ في إمكانية انخفاض التضخم إلى 2 %، بحلول نهاية 2022 كما توقعت وزيرة الخزانة جانيت يلين خصوصا.
وقال مهند ياقوت مدير قسم أبحاث السوق والتطوير في شركة يونيون باسيفيك إن حديث جيروم باول في اجتماع أمس كان أكثر تشددا، لكن الأسواق كانت متوقعة هذا الحديث وتسعر بالفعل رفع الفائدة في مارس المقبل.
وأضاف في حديثه مع "العربية" أن الفيدرالي لم يزل الغموض بشأن توقيت رفع أسعار الفائدة، إذ ذكر أن هذا الأمر قد يحدث قريبا، وهذا يتوقف على معطيات السوق وفقا لبيانات التوظيف والتضخم حتى اجتماع مارس.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تستكمل الأسواق الأميركية تذبذبها، وسيكون الدولار الرابح الأكبر.