لاستعمار الفضاء.. الصين تبني قمراً تجريبياً يحاكي ظروف الجاذبية

قامت الصين ببناء منشأة بحثية تحاكي بيئة الجاذبية المنخفضة على القمر، واستلهمت ذلك من التجارب التي استخدمت مغناطيس لتحليق ضفدع في الفضاء.يعمل باحثون صينيون على تطوير منشأة يمكنها محاكاة جاذبية سطح

لاستعمار الفضاء.. الصين تبني قمراً تجريبياً يحاكي ظروف الجاذبية

قامت الصين ببناء منشأة بحثية تحاكي بيئة الجاذبية المنخفضة على القمر، واستلهمت ذلك من التجارب التي استخدمت مغناطيس لتحليق ضفدع في الفضاء.

يعمل باحثون صينيون على تطوير منشأة يمكنها محاكاة جاذبية سطح القمر، وفقاً لما ذكرته صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، واطلعت عليه "العربية.نت".

وسيكون القمر الاصطناعي عبارة عن غرفة مفرغة تستخدم مجالاً مغناطيسياً قوياً لإعادة إنشاء بيئة منخفضة الجاذبية.

وقال كبير العلماء العاملين على المشروع، لي رويلين: "إنه من المقرر أن يتم إنشاؤها في غضون بضعة أشهر". حيث ستمكن من التحكم في الجاذبية لوقتٍ كاف لإجراء الأبحاث.

ويتوقع رويلين، من جامعة الصين للتعدين والتكنولوجيا، أن تأخذ المنشأة عملية محاكاة القمر إلى مستوى جديد.

وأوضح أن الفارق الكبير بينها وبين عمليات المحاكاة السابقة، والتي تعتمد على إخفاء الجاذبية، أنها كانت عمليات مؤقتة تستغرق ثواني فقط، فيما يمكن أن يستمر التأثير في منشأة التجارب الجديدة بقدر ما تريد.

وتتكون المنشأة من حجرة مفرغة تحتوي على قمر صغير يبلغ قطره 60 سم مربع، فيما يحتوي على صخور وغبار خفيف مثل تلك الموجودة على القمر – وتعادل قوة الجاذبية عليه حوالي سدس قوة الجاذبية على الأرض - ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها مدعومة بمجال مغناطيسي.

وقال لي إن الفكرة جاءت من تجارب الفيزيائي الروسي المولد أندريه جيم لتحليق ضفدعاً بمغناطيس، والذي حصل من أجله على جائزة هزلية تسمى نوبل إل جي، في عام 2000. إلا أن أبحاث جيم في جامعة مانشستر في إنجلترا، في مجال الجرافين، قادته للحصول على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2010.

وعبر جيم عن سروره، من أن تجاربه التعليمية البحتة على الارتفاع المغنطيسي أدت إلى تطبيقات في استكشاف الفضاء.

وتأتي هذه الخطوة الصينية، في ظل مساعيها لأخذ زمام المبادرة في سباق الفضاء الدولي الجديد مع الولايات المتحدة. حيث يتضمن ذلك برنامج استكشاف القمر، فضلاً عن مهامها الأخيرة بهبوط مركبة على الجانب الآخر من القمر في عام 2019، وفي عام 2020 إعادة عينات الصخور إلى الأرض لأول مرة منذ 44 عاماً.

وتستهدف الصين الهبوط برواد فضاء على سطح القمر بحلول 2030، وإنشاء قاعدة أبحاث مشتركة على القمر مع روسيا.

من جانبها، قالت سلطات الفضاء الصينية الشهر الماضي إن بناء محطة الأبحاث يمكن أن يبدأ في أقرب وقت في عام 2027 - وقبل سنوات من الموعد المحدد - وسط مخاوف بشأن التحركات التي تقودها الولايات المتحدة لوضع القواعد للأنشطة القمرية المستقبلية. فيما تخطط ناسا أيضاً لإرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول عام 2024 في إطار برنامج أرتميس.

وقال لي إنه من المتوقع أن تلعب منشأة سوزهو دوراً رئيسياً في مهمات الصين المستقبلية إلى القمر، بما في ذلك بناء البنية التحتية على القمر.

مشكلة الحساب الخاطئ

سيسمح المختبر للعلماء باختبار المعدات - وربما منع الحسابات الخاطئة المكلفة - في محاكاة البيئة القمرية الشديدة، حيث يمكن أن تتصرف الصخور والغبار بطريقة مختلفة تماماً عما تفعله على الأرض. ويرجع ذلك إلى عدم وجود غلاف جوي على القمر، ويمكن أن تتغير درجة الحرارة بسرعة وبشكل كبير، وفي حالة الجاذبية المنخفضة، تكون جزيئات التربة أكثر ارتباطاً ببعضها البعض.

يأتي ذلك، بعدما فشلت الصين في العودة بالكثير من عينات الصخور كما كان مخطط له، بسبب مشكلات في الحفر ومقاومة غير متوقعة من التربة. وهو تكرار للبعثات السابقة التي قام بها الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة.

أشارت التجارب التي أجريت على نموذج محاكاة أولي أصغر إلى أن مقاومة الحفر على القمر يمكن أن تكون أعلى بكثير مما توقعته النماذج النظرية.

ولم تكن محاكاة البيئة القمرية القاسية على الأرض مهمة سهلة - فالقوة المغناطيسية المطلوبة قوية جداً لدرجة أنها يمكن أن تمزق مكونات مثل الأسلاك فائقة التوصيل. أضف إلى ذلك العديد من المكونات المعدنية اللازمة لحجرة التفريغ والتي لا تعمل بشكل صحيح بالقرب من مغناطيس قوي.

قال لي إن الفريق توصل إلى عدد من الابتكارات التقنية للتغلب على هذه التحديات، بما في ذلك محاكاة الغبار القمري الذي يمكن أن يطفو بسهولة أكبر في المجال المغناطيسي، واستبدال الفولاذ بألمنيوم في بعض المكونات الرئيسية.

وقال إن المنشأة الصينية ستكون مفتوحة للباحثين من جميع أنحاء العالم.