أنصار طالبان يتغزلون بالجولاني.. وتقرير يفضح العلاقة بالقاعدة

بالرغم من ادعاءات حركة طالبان بقطع علاقاتها بالتنظيمات الإرهابية وتعهداتها أمام المجتمع الدولي بمنع السماح للمتطرفين بالتواجد داخل أفغانستان، وتطميناتها لدول المنطقة بعدم استخدام الأراضي الأفغانية

أنصار طالبان يتغزلون بالجولاني.. وتقرير يفضح العلاقة بالقاعدة

بالرغم من ادعاءات حركة طالبان بقطع علاقاتها بالتنظيمات الإرهابية وتعهداتها أمام المجتمع الدولي بمنع السماح للمتطرفين بالتواجد داخل أفغانستان، وتطميناتها لدول المنطقة بعدم استخدام الأراضي الأفغانية منطلقاً للتهديدات، بغية الحصول على اعتراف دولي بشرعيتها، إلا أن الواقع غير ذلك.

فالحركة رغم ذلك لم تحصل على أي اعتراف دولي منذ سيطرتها على البلاد في منتصف أغسطس/آب العام الماضي، إذ إنها لم تلبِّ متطلبات الدول بتنفيذ الأولويات، من احترام حقوق الإنسان والمرأة وحرية الصحافة والتعليم، إضافة إلى أن وجودها في أفغانستان يهدد بزيادة نشاط حركات إرهابية أخرى كتنظيم القاعدة مثلاً.

غزل متبادل بين القاعدة وطالبان

وجاء الدليل في السادس والعشرون من يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أعلن مسؤول أمن ولاية بنجشير في حكومة طالبان عبد الحميد "خراساني"، عن مبايعة "هيئة تحرير الشام" وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا لقيادة طالبان.

وأكد القيادي في تغريدة عبر تويتر أن عناصر هيئة تحرير الشام بايعوا الحركة.

كما نشر أحد الناشطين المؤثرين في طالبان على "تويتر" أحمد برويز، صورة لأبو محمد الجولاني معلقاً عليها "أميركم وأميرنا في الشام المباركة"، وفق زعمه.

فيما كتب حساب باسم "جواد مجاهد" يدعي أنه عنصر في جهاز الاستخبارات التابع لطالبان، بأن "القائد أبو محمد الجولاني أعلن عن تقديم الدعم لخمسين ألف عائلة بسبب ظروف الطقس القاسية"، بحسب قوله أيضاً.

بالمقابل، نشر أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، تغريدات يشيد بها بطالبان وقياداتها، ما دفع عناصر الحركة لإعادة التغريد بها أيضاً.

كما بدأت الحسابات التابعة لطالبان الشهر الماضي تتداول الأخبار والتقارير وتقدم الدعم الإلكتروني لهيئة تحرير الشام، وحركة طالبان باكستان التي نفذت مؤخراً عمليات إرهابية استهدفت قوات الأمن الباكستانية في عدد من المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان.

علاقات وطيدة ودعم عسكري متبادل

حصلت "العربية.نت" على نسخة من تقرير رسمي صادر عن وزارة الخارجية الأفغانية في الحكومة السابقة نقلاً عن جهاز الاستخبارات، مطلع أغسطس/آب من العام الماضي، يكشف وجود تنظيمات إرهابية مقاتلة بجانب حركة طالبان ضد الحكومة الأفغانية.

وذكر التقرير حينها أن القاعدة أصبحت قلقة من نتائج المفاوضات الأفغانية، ما دفعها للتخطيط مع تنظيمات إرهابية باكستانية لزيادة عملياتها، وحفظ مكان لها داخل أفغانستان.

وتبيّن أن من بين تلك الجماعات "لشكر طيبة" و"جيش محمد"، وأن القاعدة وطالبان تمارسان عملاً متبادلاً في الدفاع عن بعضهما البعض وحماية مصالحهما داخل مناطق نفوذهما.

كذلك يعملان على زيادة توسعهما بدعم من التنظيمات الإرهابية الباكستانية وحركة أنصار الله في طاجكستان، وحركة تركستان الشرقية، والحركة الإسلامية الأوزبكية.


مخيمات القاعدة

وأضاف التقرير أن المعلومات الاستخباراتية أفادت بوجود 30 مقاتلاً من القاعدة في منطقة بهرامجه بولاية هلمند جنوب أفغانستان، من ضمنهم البلوش الإيرانيون والباكستانيون، تحت قيادة رجل يدعى "الشيخ محمد العراقي"، وهم بصدد إنشاء مراكز تدريبية لمقاتلي طالبان في ولاية أروزكان، الرابطة بين وسط البلاد وجنوبها والمحاذية لولايتي هلمند وقندهار، إضافة إلى إرسال أكثر من 150 مقاتلاً من القاعدة إلى منطقة ديشو في هلمند.

وكشف أيضاً أن القاعدة تستخدم الأراضي الباكستانية لإرسال مقاتلين إلى أفغانستان، وخصوصاً بعد إنشائها مركز اتصالات في منطقة أوركزي الباكستانية والمحاذية لأفغانستان، لافتاً إلى العلاقة الوثيقة بين تنظيم القاعدة وشبكة حقاني التابعة لطالبان والتي يتزعمها وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني، وهي مسؤولة عن أكبر العمليات الانتحارية داخل أفغانستان، ولها علاقات قوية مع تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية في أفغانستان وباكستان.

كما أن شبكة حقاني أسست فريقاً مشتركاً مع القاعدة لإرسال مقاتلين إلى ولاية بكتيا جنوب شرقي أفغانستان، وتنفيذ عمليات إرهابية تحت إشراف القيادي في القاعدة "أبو إسرار المصري".

وأكد التقرير الاستخباراتي أيضاً أن شبكة حقاني عقدت اجتماعات متعددة جمعت قياداتها بقيادات القاعدة وطالبان من أجل بحث الدعم المالي والعسكري لمقاتلي القاعدة، لإعادة إمكانية السيطرة على مناطق استراتيجية داخل أفغانستان بغية توفير ملاذ آمن لتنظيم القاعدة وقياداتها.

طالبان والتنظيمات الباكستانية

في سياق متصل، ذكرت مصادر استخباراتية لـ "العربية.نت" أنه منذ تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن سحب قواته من أفغانستان بحلول سبتمبر/أيلول من العام الماضي، كثفت حركة طالبان من عملياتها على القوات الأفغانية بدعم من القاعدة وجيش محمد ولشكر طيبة والبدر، ولقاء قيادات طالبان بقيادات من التنظيمات الإرهابية طلباً للدعم البشري، والسيطرة على أراضي أفغانستان.

وأضاف بأن نائب زعيم طالبان وزير الدفاع -الحالي الملا محمد يعقوب، التقى قيادات تنظيمي جيش محمد ولشكر طيبة الباكستانيين، وحصل منهما على دعم كبير في إرسال المقاتلين إلى أفغانستان للقتال بجانب عناصر الحركة.

وأكد أن لشكر طيبة بعث بأكثر من 7200 مقاتل إلى ولاية كنر شرق أفغانستان في 6 مخيمات تابعة للقاعدة.

حاضنتا القاعدة

فيما أكد مصدر استخباراتي آخر أن ولاية هلمند الواقعة جنوب أفغانستان تعتبر أكثر المناطق أمناً لمقاتلي القاعدة وقياداتها، بحكم وجود نفوذ قوي لحركة طالبان على الولاية والمناطق القبلية.

كما أن تواجد القاعدة في ولاية هلمند وذلك يعود إلى قربها من الحدود الإيرانية وسهولة التواصل بين قيادات القاعدة في هلمند والحرس الثوري الإيراني، والوسطاء بين القيادات في أفغانستان، وقيادات القاعدة المتواجدين في إيران تحت حماية الحرس الثوري الإيراني.

وخلافاً للمناطق التي كانت مأمناً لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أفغانستان، اتخذ قادة القاعدة من بعده مناطق أخرى لسببين، الأول أن مخابئ بن لادن معروفة لدى القوات الأميركية، والثاني اتخاذهم لمناطق قريبة من الحدود الإيرانية لسهولة التواصل مع الحرس الثوري وقيادات القاعدة المتواجدين في إيران، وعلى رأسهم سيف العدل.

وكانت الاستخبارات الأفغانية اعتبرت خلال الأعوام الماضية ولايتي هلمند وغزني من المناطق الأكثر أماناً لمقاتلي تنظيم القاعدة وخصوصاً في المناطق القبلية، لعلاقاته الوثيقة بقيادات طالبان.

القاعدة في شبه القارة الهندية

أعلنت القوات الخاصة للاستخبارات الأفغانية في الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول من عام 2019 عن مقتل أمير تنظيم القاعدة في جنوب آسيا عاصم عمر، بغارة أميركية أفغانية مشتركة نفذتها على مجمع تابع لحركة طالبان في ولاية هلمند.

ويُعتبر عاصم عمر أحد أبرز قيادات القاعدة، وأعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في فيديو نشره التنظيم في التاسع من سبتمبر/أيلول من عام 2014 عن تعيين عاصم عمر إمارة التنظيم في جنوب آسيا، بالإضافة إلى كونه متحدثاً للتنظيم في جنوب آسيا.

وكان عمر رجل دين متطرف في باكستان وخطيباً في الجوامع في منطقة كشمير المتنازع عليها مع الهند، والتحق بالتنظيم تحت قيادة أسامة بن لادن، وكان من المقرّبين منه.

وبحسب تقارير بريطانية، فإن عاصم عمر قضى أكثر من 16 عاماً في أفغانستان، ودخل تحت لواء الجماعات المتطرفة عندما كان طالباً في جامعة العلوم الإسلامية في كراتشي، كما درس في مدرسة العلوم الحقانية الباكستانية التي كان يديرها "مولانا سامي الحق" المعروف بـ "أبي طالبان" لأنه قام بتدريس عدد كبير من قادة الحركة.

أبو محسن المصري

وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2020، أعلنت الاستخبارات الأفغانية مقتل أبو محسن المصري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في عملية خاصة بولاية غزني جنوب شرقي أفغانستان.

وذكرت في بيان حينها أن القوات الأفغانية قتلت المصري وهو العقل المدبر لعمليات القاعدة في شبه القارة الهندية، ويُعتقد أنه الرجل الثاني في التنظيم.

والمصري، المعروف باسم حسام عبد الرؤوف، هو مواطن مصري جاء في قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي لأهم الإرهابيين المطلوبين حول العالم، حيث أصدرت الولايات المتحدة مذكرة توقيف بحقه في عام 2018، بعد اتهامه بالتآمر لقتل مواطنين أميركيين وتقديم دعم مادي وموارد لمنظمات إرهابية أجنبية.

ويعتقد أن المصري كان يشارك في إدارة العمليات اليومية للتنظيم، وربما كان الرجل الثاني في تولي قيادة التنظيم خلفاً لأيمن الظواهري.

وذكر موقع "جيمس تاون" أنه في عام 2019، بعث فرع القاعدة في كردستان العراق رسالة إلى قيادة التنظيم، خاطب فيها الظواهري وعبد الرؤوف في وقت واحد، حيث اعتبر حينها أن المصري هو الشخصية الأبرز في مجلس شورى تنظيم القاعدة، وأحد المنظرين لاستراتيجيته، بالإضافة إلى توليه الإشراف على أذرعه الإعلامية، بما في ذلك "مؤسسة السحاب".

سيدة القاعدة

واستمراراً لسلسلة اعتقالات وقتل قيادات القاعدة المتواجدين في ولايتي هلمند وغزني، ألقت السلطات الأفغانية في 2008 القبض على عافية صديقي، عالمة الأعصاب الباكستانية، وأول امرأة يشتبه بعلاقتها بتنظيم القاعدة، حسب تقارير الإعلام الأميركي.

صديقي الملقبة بـ "سيدة القاعدة"، لاسيما وأن العديد من المسؤولين الأميركيين يعتبرونها من أكثر النساء خطورة، ولها صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة، إلا أن قضيتها معقدة ومليئة بالتناقضات بحسب ما تصفها بعض وسائل الإعلام الأميركية، لا سيما أن مناصريها في بلادها يعتبرون أنها اتهمت زوراً.

في حين تؤكد السلطات الأميركية أنها إرهابية خطيرة لها صلات بزعيم القاعدة وأحداث 11 سبتمبر.

تخرجت عالمة الأعصاب الباكستانية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

في التسعينيات، عاشت في منطقة بوسطن، ثم عادت إلى باكستان عام 2002.

أطلقت النار أثناء التحقيق.. فحكمت 86 عاماً

وطبقا لوثائق محكمة أميركية فقد كانت وقتها تحمل كيلوغرامين من سيانيد الصوديوم مخبأة في زجاجات كريم مرطب، كما كانت تحمل خططا لحرب كيميائية ومخططات هندسية لجسر بروكلين ومبنى إمباير ستيت في نيويورك.

وسلمتها السلطات الأفغانية إلى القوات الأميركية التي بدأت في التحقيق معها، وخلال التحقيق أمسكت ببندقية وأطلقت منها النار، على عملاء أميركيين بينما كانت تصرخ "الموت لأميركا" و"أريد أن أقتل جميع الأميركيين"، ولم يصب أي من الجنود في الحادثة.

وبعد ذلك مثلت صديقي أمام محكمة في الولايات المتحدة، وحكم عليها في 2010 بالسجن 86 عاماً.

وصاحب الحكم على صديقي اندلاع احتجاجات واسعة في المدن الباكستانية تنديداً بما وصفوه بالحكم الجائر عليها والاتهامات الباطلة لها.

تورط نساء أخريات

وفي أبريل 2019 أعلنت الحكومة الأفغانية عن مقتل قياديين من تنظيم القاعدة هما ملا جابر وملا ياسر في ولاية هلمند، واعتقلت سيدتين تعملان على إيصال الرسائل بين قيادات القاعدة وطالبان.

إلا أن احتجاجات واسعة اندلعت عقب اعتقال السيدتين من قبل سكان منطقة كرشك في هلمند، واعتبروه عملاً ينافي الأعراف الأفغانية والتقاليد القبلية.

وأكد حاكم ولاية هلمند حينها، بأن اعتقال السيدتين جاء بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، إلا أنه ينضم إلى المحتجين في المطالبة بإطلاق سراح السيدتين، تحسباً من اندلاع اشتباكات بين القوات الحكومية والقبليين البشتون في هلمند.

وخلال العامين الماضيين أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية في الحكومة السابقة عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً من تنظيم القاعدة في ولايتي هلمند وغزني، بينهم قياديون في التنظيم، إلا أن طالبان دائماً ما كانت تنفى تلك التقارير الحكومة، وتؤكد على أن كافة المقاتلين في صفوفها هم من الأفغان، وأن الحركة ليست لديها علاقات بأي تنظيمات أو جماعات إرهابية.

ادعاءات وسط اتهامات ومخاوف

في حين أكدت جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية بقيادة أحمد مسعود، والتي تقود عمليات مسلحة وحرب عصابات ضد طالبان بعد سيطرتها مؤخراً على البلاد، أن مقاتلين عرباً وباكستانيين من تنظيم القاعدة قاتلوا بجانب حركة طالبان في ولاية بنجشير، ما أدى إلى سقوط الولاية الأخيرة في يد طالبان.

يشار إلى أن منظمة التعاون الإسلامي كانت عقدت في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، اجتماعاً استثنائياً على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء، شددت فيه على عدم استخدام التنظيمات الإرهابية من أفغانستان ملاذاً آمناً لها، وتنفيذ عمليات إرهابية على دول المنطقة والعالم.

وتدّعي طالبان التي استولت على السلطة في أفغانستان منتصف أغسطس/آب من العام الماضي، أنها قطعت العلاقات مع القاعدة وكافة التنظيمات الإرهابية التزاماً منها باتفاقية السلام الموقعة في فبراير/شباط من عام 2020 مع الولايات المتحدة، والتي تقضي بانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان مع تعهد الحركة بقطع علاقاتها مع التنظيمات الإرهابية، وعدم استخدام أراضي أفغانستان ضد أي دولة.