بأغصان الأشجار والسجاد.. هكذا تحايل الروس على القصف
يبدو أن القوات الروسية تواجه فعلا صعابا جمة في أوكرانيا، فبعد مضي 36 يوما على العملية العسكرية التي أطلقتها على أراضي الجارة الغربية، لم تتمكن من السيطرة على مدن كبرى في البلاد، بحسب ما أكد العديد من
يبدو أن القوات الروسية تواجه فعلا صعابا جمة في أوكرانيا، فبعد مضي 36 يوما على العملية العسكرية التي أطلقتها على أراضي الجارة الغربية، لم تتمكن من السيطرة على مدن كبرى في البلاد، بحسب ما أكد العديد من المراقبين فضلا عن المسؤولين الغربيين.
في حين سارع الروس إلى تمويه معداتهم باستخدام أغصان الأشجار والقش، وحتى قطع من السجاد، لإخفاء الدبابات والمركبات المدرعة الأخرى، الأمر الذي اعتبره عدة محللين نقصاً في التطور التقني وعدم تهيئة بعض القادة العسكريين للمعارك.
لاسيما أن التمويه، سواء للأفراد أو المعدات، يعتبر جزءا أساسيا من القتال، حتى مع التقدم التكنولوجي مثل الطائرات بدون طيار وصور الأقمار الصناعية ونطاقات الأشعة تحت الحمراء التي جعلت من الصعب الاختباء في ساحات القتال الحديثة.
لكن بالنسبة لبعض المراقبين الذين يتابعون الصراع الروسي الأوكراني عن كثب، فقد أظهرت القوات الروسية، رغم تفوقها العسكري، درجة مذهلة من التصرف كالهواة، بحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست".
"ينبعث من اليأس"
وفي السياق، وصف مايك جيسون، ضابط المدرعات المتقاعد بالجيش الأميركي الذي خدم في العراق وأفغانستان، مشهد أحد الجنود الروس الذي كان يبحث عن غطاء من أشجار الصنوبر وسط المعارك، بأنه "ينبعث من اليأس".
كما أشار إلى أن الإجراء التكتيكي العسكري الأميركي في هذه الحالات عادة هو تغطية مركبات بأكملها بشبكات تمويه خفيفة الوزن عندما لا تتحرك، حتى لو كان ذلك لفترات قصيرة فقط.
ولفت إلى أن بعض الوحدات الروسية أظهرت افتقارها إلى الكفاءة الأساسية في استخدام التمويه أو لربما ببساطة لم يكن لديها المعدات المناسبة لذلك، وفق رأيه.
أما عن مقطع الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، مظهرا القوات الروسية تغطي مركبة بالسجاد أو أي نوع آخر من الملابس الثقيلة، فرجح جايسون، ن يكون السبب تقليل أو تشويه البصمات الحرارية، التي تستخدمها الأسلحة المضادة للدروع مثل صواريخ جافلين المصنعة في الولايات المتحدة والتي يتم توفيرها لأوكرانيا.
كذلك، أشار إلى أن ذلك قد يجعل من الصعب على المدفعي الأوكراني التمييز بين مركبة مدرعة روسية وسيارة مدنية، على الرغم من أنهم قد يستخدمون المناظير لكشف نشاط العدو بالإضافة إلى النشاط الحراري.
أخطاء تكتيكية
ويمكن أن تساعد الشباك والأقمشة الأخرى في التمويه والإخفاء، وذلك باستخدام أوراق الشجر لتغطية ملامح المركبات حيث يمكن أن يساعد ذلك في منح أطقم العمل ثوانٍ حيوية للرد على الاشتباك أو الهجوم بأنفسهم.
لكن جيسون قال إن استخدامها محدود في عصر الطائرات بدون طيار وصور الأقمار الصناعية، مما يجعل التمويه محاولة تهدف في الغالب إلى خداع عيون البشر.
ويعد افتقار الروس الواضح إلى شبكة التمويه الحديثة أحدث مثال على ما يسميه المحللون سلسلة من الأخطاء التكتيكية منذ بدء الهجوم أواخر الشهر الماضي، مما يؤكد الاعتقاد السائد في الولايات المتحدة وأوروبا بأن الرئيس فلاديمير بوتين وكبار قادته العسكريين فشلوا في توقع المقاومة القوية التي واجهتها قواتهم.
إلى ذلك، عبر العديد من المراقبين الغربيين عن دهشتهم، بعدما أظهر الجنود الروس ميلاً للتحدث على أجهزة الراديو والهواتف المحمولة غير الآمنة، مما سمح لمخابرات العدو باعتراض اتصالاتهم.
كما انتقدوا أيضاً فشل القوات الروسية في توزيع ما يكفي من الوقود والطعام على الجنود في الجبهات، ما دفع بعضهم إلى التخلي عن المركبات الموجودة في مكانها، والاستسلام حتى في بعض الحالات.
من جهته، أوضح روب لي، خبير عسكري روسي وزميل بارز في معهد أبحاث السياسة الخارجية، أن الاستخدام غير المتكافئ للتمويه في أوكرانيا قد يشير إلى افتقار القادة إلى الاستعداد والتوجيه للمرؤوسين، أو يشهد على ثقتهم المفرطة منذ البداية بأن هذه المعركة ستكون سهلة.
كما أضاف أنه أصبح من الواضح أن الطائرات التجارية والصغيرة بدون طيار التي قدمتها تركيا للأوكرانيين تمكنهم من تحديد الوحدات الروسية، مما قد يدفع البعض إلى اللجوء إلى حلول مثل تجهيز مركباتهم بقطع من الشجيرات، أو ببساطة أخذهم بعيداً عن الطريق والاختباء بين الأشجار.
قلة الاستعداد والتوجيه
في موازاة ذلك، قال المحللون إن الأمر المثير للارتباك هو أن الوحدات الروسية ضليعة في الواقع بتمويه مركباتها، وهناك أدلة على أنها فعلت ذلك في تدريبات عسكرية سابقة.
ففي الآونة الأخيرة في عام 2018، روجت وسائل الإعلام الحكومية الروسية لنماذج التمويه المتقدمة للجيش، التي قالت إنها قادرة على التشبه بالبيئة المحيطة، ولعل ذلك ما يثير الدهشة.
يشار إلى أنه رغم مرور أكثر من شهر على العمليات العسكرية بين الطرفين لم تتمكن القوات الروسية من السيطرة على مدينة كبيرة في أوكرانيا، باستثناء التقدم الملحوظ في الرشق الأوكراني.