"العربية" تكشف معلومات حساسة عن خلية التجسس الإيرانية في تركيا
بعد إعلان تركيا القبض على أعضاء خلية تجسس في إسطنبول كانت تعمل لصالح إيران بهدف اغتيال رجل الأعمال الإسرائيلي الحامل للجنسية التركية، يائير غيلر، تكشف "العربية" و"الحدث" المزيد من تفاصيل بقيت غامضة في
بعد إعلان تركيا القبض على أعضاء خلية تجسس في إسطنبول كانت تعمل لصالح إيران بهدف اغتيال رجل الأعمال الإسرائيلي الحامل للجنسية التركية، يائير غيلر، تكشف "العربية" و"الحدث" المزيد من تفاصيل بقيت غامضة في الرواية التي نشرتها صحيفة صباح المقربة من الحكومة التركية بتاريخ 11 فبراير (يوم الجمعة الماضي).
عودة اللقاءات الأمنية بين إسرائيل وتركيا
فبعد متابعة جهاز الاستخبارات التركية المعروف اختصاراً MIT لخلية التجسس المكونة من تسعة أشخاص بقيادة عميلين إيرانيين، خطوة بخطوة لمدة ستة أشهر، تبين أن هذه الخلية ستغتال يائير غيلر، وهو مواطن إسرائيلي وتركي، "قدم جهاز الاستخبارات المعلومات للموساد على سبيل المجاملة"، كما أكدت مصادر "العربية" و"الحدث".
وأكدت المصادر أنه بعد هذه المرحلة، أي الكشف عن خطة الاغتيال، جرت اجتماعات أولى للوحدات المختصة في جهازي مخابرات إسرائيل وتركيا، تلاها اجتماع هام في أنقرة بين رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان، ورئيس الموساد ديفيد برنيع.
واتضح أن خلية التجسس الإيرانية كانت تقوم بنشاط استطلاعي استخباراتي لمعرفة الروتين اليومي لحياة يائير غيلر ذي الأصول اليهودية، والذي اختارته الخلية كهدف لها.
جهاز المخابرات الذي بقي يراقب فريق الاستطلاع على نحو ستة أشهر، أبلغ مكتب المدعي العام التركي وأجهزة الشرطة عندما علم أن الفريق كان يعمل على تأمين السلاح الخاص بالاغتيال، وبالتالي بدأ دور الشرطة، وقوات مكافحة الإرهاب في إلقاء القبض على الخلية.
بينما تم القبض على عملاء إيران واحداً تلو الآخر، تبين أن يائير غيلر البالغ من العمر 75 عاماً تم وضعه في منزل آمن بإسطنبول تحت إشراف أجهزة الاستخبارات.
وذكرت صحيفة "صباح" في تقريرها أنه رغم اقتراح الموساد للمواطن ذي الأصول اليهودية، "لنأخذك إلى تل أبيب، إنها أكثر أمانًا لك الآن"، قال غيلر: "أنا أحب إسطنبول، أحب تركيا"، ورفض العرض، قائلاً: "أريد أن أبقى هنا".
لماذا اختارت إيران يائير غيلر؟
السبب الرئيسي لاختيار يائير غيلر كهدف دون غيره من رجال الأعمال وفق مصادرنا، هو استثماراته الكبيرة في الصناعات العسكرية.
وبحسب مصادرنا فإن غيلر، مالك إحدى الشركات التي تنتج أجزاءً من بعض منتجات الصناعات العسكرية المهمة، بما في ذلك منتجات تساهم في تصنيع الطائرة المقاتلة F-35، فضلاً عن مشاريع باستخدام تكنولوجيا الروبوتات في الصناعات العسكرية.
راقبت شبكة التجسس الإيرانية شركة يائير غيلر التي تقع في منطقة تشاتالجا، ومقر إقامته في منطقة بشيكتاش، خطوة بخطوة لعدة أشهر.
وثبت للاستخبارات التركية أن مسؤول خلية التجسس في تركيا، لديه العديد من سجلات الدخول والخروج من وإلى تركيا، رصدت أيضاً المخابرات التركية إشارات عدة خلال فترات زمنية مختلفة أرسلها الهاتف المحمول الخاص به، والذي كان يتغير باستمرار لتجنب التعقب، بالقرب من شركة CNC في منطفة تشاتالجا المملوكة لغيلر.
وبعد مراحل التقييم هذه أطلق جهاز الاستخبارات التركي عملية القبض على أعضاء خلية التجسس، ونفذت في الأيام الماضية عملية اعتقال من قبل فرق شرطة إسطنبول لتسعة مشبوهين.
يذكر أن خلية التجسس الإيرانية كان يقودها عميل وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية ياسين طاهر إمام كيندي (53 عاماً)، الذي كان يشرف على عملية الاغتيال من إيران، فيما تولى الإيراني صالح مشتاغ بيغوز (44 عاماً) قيادة الخلية في تركيا.
تم القبض على ستة مشتبه بهم، بينهم بيغوز، وسجنوا بتهمة تأسيس وإدارة منظمة لارتكاب جرائم، والانتماء إلى منظمة تأسست لارتكاب الجرائم والتهديد.
هرتسوغ يشكر أردوغان.. وردة فعل طهران
مصادر "العربية" و"الحدث" أكدت أن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ شكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد عملية غيلر عندما اتصل بأردوغان، الذي أصيب بفيروس كورونا الأسبوع الماضي، لينقل له تمنياته بالشفاء.
وقالت مصادرنا أيضاً أن الكشف عن شبكة التجسس التابعة لجهاز المخابرات الإيراني كان له تأثير أو دور في إيقاف طهران لإمدادات الغاز الطبيعي إلى تركيا لمدة 10 أيام نهاية الشهر الماضي وبداية الشهر الجاري.
وكان مفهوماً لدى جهازي المخابرات (التركي والإسرائيلي) أن الخلية الإيرانية خططت لقتل غيلر انتقاماً لمقتل المهندس محسن فخري زادة، مهندس البرنامج النووي الإيراني، الذي قُتل في 27 نوفمبر 2020، في إيران عبر تقنية استخدم فيها الذكاء الاصطناعي أيضاً.
وقال مسؤول تركي كبير لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، في تعقيبه على العملية، إن تركيا "لن تسمح لأحد باستخدام الأراضي التركية لتنفيذ أي عملية"، مضيفاً: "سنراقب دائماً، وسنقبض على أولئك الذين لديهم مثل هذه الخطط وعلى من يساعدهم، بغض النظر عن البلد الذي ينتمون إليه".
العلاقات التركية الإسرائيلية توترت منذ قضية "مرمرة"
توترت العلاقات بين تركيا وإسرائيل منذ عام 2010، عندما هاجمت القوات المسلحة الإسرائيلية سفينة المساعدات المدنية التركية (مرمرة) في المياه الإقليمية.
وتوفي عشرة أشخاص، تسعة منهم من الأتراك ومواطن من الجنسية الأميركية، على متن سفينة مرمرة.
لكن هذا الحدث (عملية غيلر) جمع رؤساء المخابرات في البلدين وسرّع من تطبيع العلاقات الدبلوماسية.
في أكتوبر 2021 فككت المخابرات التركية MIT شبكة تجسس مؤلفة من 15 شخصاً قيل إنها تعمل لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد.
وتبين أن هذه الشبكة نفذت أيضاً أنشطة تجسس ضد الطلاب الأجانب المتميزين الذين يحملون الجنسية التركية أو الذين يدرسون في الأقسام التقنية في جامعات النخبة بتركيا، والذين سيعملون في مجال الصناعات العسكرية مستقبلاً.
وذكر أن أ.ب، الذي عمل للموساد في هذه الشبكة من أجل المال، كان على تنسيق مع أ.ز، حامل جواز السفر الإسرائيلي برقم 307 ...، وبذلك تبين للمخابرات التركية أن زعيم خلية التجسس هو الإسرائيلي أ.ز.
كما لوحظ أن هناك بعض أعضاء الشبكة قد تم إعلان عنهم أنهم سياح مفقودون كي لا يتم العثور على أثارهم.