روسيا تدخلت وبكين صمتت وأميركا قلقة.. ما أهمية كازاخستان؟
منذ بداية الأسبوع ونار الشغب لم تهدأ في كازاخستان، تلك الدولة الواقعة في قلب آسيا بين فكي روسيا والصين.وفيما هبت روسيا لنجدة السلطات في كازاخستان، بعدما ناشد رئيسها قاسم جومارت توكاييف، دافعة بقواتها
منذ بداية الأسبوع ونار الشغب لم تهدأ في كازاخستان، تلك الدولة الواقعة في قلب آسيا بين فكي روسيا والصين.
وفيما هبت روسيا لنجدة السلطات في كازاخستان، بعدما ناشد رئيسها قاسم جومارت توكاييف، دافعة بقواتها إلى داخل البلاد، التزمت الصين الصمت وأكدت أن ما يجري شأن داخلي، لا يجب التدخل فيه.
كما امتنع المتحدث باسم خارجيتها أمس عن التعليق على دخول قوات روسية إلى كازاخستان، من أجل فرض الأمن في مدينة ألماتي، إحدى أكبر مدن البلاد.
مخاطر الاحتجاجات؟!
أما الولايات المتحدة فحذرت موسكو، مؤكدة أنها تراقب تحرك قوات هناك.
فلماذا تهتم تلك الدول والعالم بتلك الاضطرابات، وتراقبها عن كثب، ومم تخاف؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من النظر إلى الخريطة، والموقع الجغرافي لهذا البلد، لأهمية الجغرافيا والاقتصاد بالسياسة عامة.
تقع كازاخستان بين روسيا والصين، وهي أكبر دولة غير ساحلية في العالم أو لا تملك منفذا على البحر، وهي أكبر من أوروبا الغربية بأكملها، على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز 19 مليون نسمة.
ولا شك أن الاضطرابات الأخيرة والتظاهرات التي انطلقت يوم الأحد الماضي، ترتدي أهمية خاصة لأنها وقعت في صلب بلد كان يعتبر إلى وقت قريب جدا ركيزة الاستقرار السياسي والاقتصادي في منطقة غير مستقرة عامة، ولو أن هذا الاستقرار جاء عبر حكومة تخنق المعارضة.
كما أن تلك الاحتجاجات تقلق موسكو إلى حد بعيد، بحسب نيويورك تايمز، لأن كازاخستان متحالفة مع روسيا، التي ينظر رئيسها، فلاديمير بوتين، إلى هذا الجار، كجزء من مجال النفوذ الروسي في المنطقة
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القرار الذي اتخذ أمس الخميس، بتدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي أشبه بنسخة روسية من حلف شمال الأطلسي، يعد المرة الأولى التي يتم فيها تدخل المنظمة بحجة حماية بلد ما، وهي خطوة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على الجغرافيا السياسية في المنطقة.
تحد ثالث لموسكو
إلى ذلك، تمثل هذه الاضطرابات بالنسبة للكرملين، تحديا آخر محتملا لسلطة حليفة في دولة مجاورة.
لاسيما وأن انتفاضة كازاخستان تلك تعتبر بالنسبة لبوتين الثالثة ضد دولة متحالفة مع الكرملين، بعد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي شهدتها أوكرانيا عام 2014، وبيلاروسيا في 2020.
لذا تتخوف موسكو من أي فوضى جديدة في حدائقها الخلفية وجوارها ولدى جيرانها، لأنها قد تهدد نفوذها في المنطقة في وقت تحاول فيه تثبيت اقتصادها، وقوتها الجيوسياسية في دول مثل أوكرانيا وبيلاروسيا.
دول الاتحاد السوفيتي السابق
إلى ذلك، تراقب دول الاتحاد السوفيتي السابق الاحتجاجات عن كثب، لأن أحداث كازاخستان قد تنفخ الروح و تنشط قوى المعارضة لديها.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فكازاخستان مهمة اقتصاديا ونفطيا، لاسيما وأن شركات كبرى مثل Exxon Mobil و Chevron استثمرت عشرات المليارات من الدولارات في غرب البلاد، حيث انطلقت فيها الاضطرابات.
فعلى الرغم من أن لديها علاقات وثيقة مع موسكو، إلا أن الحكومات الكازاخستانية المتتالية حافظت دوما على روابط وثيقة مع الولايات المتحدة، لاسيما وأنها تنظر إلى الاستثمار النفطي على أنه ثقل موازن للنفوذ الروسي.
كما أن واشطن لطالما كانت أقل انتقادًا للاستبداد في كازاخستان منه في روسيا وبيلاروسيا!
وفي ما يتعلق بالصين، فعلى الرغم أيضا من مصالحا الاقتصادية والسياسية في البد الجار، إلا أنها لم تمانع حتى الآن بتمدد النفوذ الروسي، لاسيما وأن بكين وموسكو يوازنون حتى الآن في رعاية مصالحهم بالمنطقة، حيث تعتبر القواسم التي تجمعهم أكثر بكثير من تلك التي تفرقهم!
غضب من زيادة أسعار الوقود
يذكر أن التظاهرات كانت اندلعت في بادئ الأمر بسبب غضب من زيادة أسعار الوقود، إلا أن نطاقها اتسع سريعا، ليشمل تغيير الحكومة والنظام، فضلا عن معارضة الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف الذي لا يزال يحتفظ بسلطات واسعة في الجمهورية السوفيتية السابقة، رغم استقالته عام 2019 بعدما حكم البلاد ما يقرب من ثلاثة عقود.
ويُنظر إلى نزارباييف، البالغ من العمر 81 عاما، على نطاق واسع باعتباره القوة السياسية الرئيسية في العاصمة نور سلطان، التي سميت تيمناً به.
كما يُعتقد بأن عائلته تسيطر على جزء كبير من اقتصاد البلاد، الأكبر حجما في آسيا الوسطى. إلا أن الرجل لم يظهر علنا أو يدلِ بتصريحات منذ بدء الاحتجاجات.