لماذا يتواصل تفاقم أزمات الاقتصاد التركي؟

قال كبير محللي الأسواق في تي ماتريكس، هيثم الجندي، إن أرقام الاقتصاد التركي تبدو صادمة لكنها نتيجة حتمية للتطورات التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة في ضوء فقدان الليرة 44% من قيمتها خلال عام 2021،

لماذا يتواصل تفاقم أزمات الاقتصاد التركي؟

قال كبير محللي الأسواق في تي ماتريكس، هيثم الجندي، إن أرقام الاقتصاد التركي تبدو صادمة لكنها نتيجة حتمية للتطورات التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة في ضوء فقدان الليرة 44% من قيمتها خلال عام 2021، وزيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% وكذلك شهدت بداية العام الجاري، زيادة أسعار الكهرباء 130% لبعض الأسر بمتوسط 70% وزيادة أسعار الغاز بنسبة 25% لبعض الأسر و50% للمصانع.

وأضاف هيثم الجندي، في مقابلة مع "العربية"، اليوم الأحد، أن تلك العوامل ظهرت في قراءة التضخم البالغ 48.7% خلال يناير الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2002 ما يعادل نحو 20 عاماً، ومرشح للزيادة فوق 50% وفقاً للمتوقع خلال العام الجاري.

وأوضح الجندي، أن الأزمة الحالية في تركيا تعيد إلى الأذهان فترة أواخر التسعينات وأوائل الألفية حيث كانت نسبة التضخم 68% وسط أزمة طاحنة جاءت بالرئيس رجب طيب أردوغان إلى الحكم حينها.

وأشار إلى أن أكثر بيانات الملفتة في معدل التضخم هي مؤشر أسعار المنتجين الذي وصل إلى 93.5% وهو ما يظهر الفجوة الكبيرة بين أسعار المنتجين والمستهلكين، التي تعطي احتمالية لزيادات أسرع مستقبلاً، مع زيادة الضغوط على المواطن التركي.

وقال كبير محللي الأسواق في تي ماتريكس، إن الليرة التركية شهدت استقراراً نسبياً في آخر 6 أسابيع بسبب إعلان الحكومة عن برنامج حماية الودائع وتلك حيلة جيدة لكسب الوقت لكنها ليست حلا مستداما.

وأضاف هيثم الجندي، أن الرئيس أردوغان خرج يوم 20 ديسمبر الماضي بإعلانه حماية الحسابات المودعة بالليرة في حسابات جديدة لتشجيع المواطنين على تحويل أموالهم إلى الليرة التركية، مقابل تعويض الحكومة لهم عن أي خسارة تحدث في الليرة، لكن معظم التحويلات جاءت من حسابات بالليرة بدلاً من حسابات بالعملة الأجنبية.

وأوضح أن حجم التدفق من النقد الأجنبي غير كاف حالياً، ولا تزال نحو 60% من الودائع في البنوك التركية مقومة بالدولار واليورو، وسجلت في 20 ديسمبر الماضي نحو 239 مليار دولار وتراجعت إلى 229 مليار دولار، وهو ما يظهر تحول بعض التدفقات إلى الآلية الجديدة التي وفرتها الحكومة، وتعطي استقراراً وقتياً.

وأشار إلى أن العالم في طريقه إلى دخول مرحلة تشديد نقدي معقدة عالميا، بينما سعر الفائدة الحقيقي في تركيا البالغ -35% لا يشجع على تدفقات النقد إلى تركيا.

وأضاف كبير محللي الأسواق في تي ماتريكس، أنه بمقارنة اقتصاد تركيا بدول ناشئة أخرى مثل روسيا فإنها رفعت أسعار الفائدة بمعدل 425 نقطة أساس في 10 اجتماعات متتالية والبرازيل رفعت معدل الفائدة 8 مرات من 2% في مارس الماضي إلى 10.75% حالياً، وهو ما يوضح أن الدول تجهز نفسها لمرحلة التشديد النقدي المحتمل تسارعها بسبب تسارع التضخم عالميا لا سيما في الولايات المتحدة.

وأوضح أن تركيا بذلك ستدخل في دائرة مفرغة من استمرار زيادة معدل التضخم الذي يدفع المواطنين إلى الإقبال على النقد الأجنبي، ولا تكفيه الحلول المؤقتة مثل اتفاقيات تبادل العملات مع الإمارات والصين وكوريا الجنوبية.

وذكر هيثم الجندي، أن احتياطي تركيا من النقد الأجنبي يبلغ حالياً نحو 110 مليار دولار إجمالي بينما الصافي 10 مليارات دولار.

وأشار إلى أن اجتماع المركزي التركي في 17 فبراير سيكون محل الأنظار لأنه قد يخفض سعر الفائدة أكثر وبذلك ستتجدد الضغوط على الليرة، لكن أكبر اختبار حقيقي للأوضاع في تركيا هو بدء الفيدرالي الأميركي دورته من التشديد النقدي في اجتماعه القادم يوم 16 مارس.