غدا أنعقاد المؤتمر العام للحزب الحاكم فى اثيوبيا فى ظل خلافات سياسية وعرقية حادة
يعقد الحزب الحاكم الاثيوبى ” الازدهار ” “Proceperty Party , “PP مؤتمره العام غدا الجمعة فى أديس أبابا. يجيء انعقاد المؤتمر العام هذه المرة فى ظروف عصيبة تمر بها إثيوبيا وفى ظل صراعات وخلافات سياسية بالغة التعقيد افرزتها الحرب الأهلية المدمرة التى دمرت الاقتصاد المنهك اصلا وآلاف الضحايا لقوا حتفهم وتدمير للبنى التحتية كما شردت …
يعقد الحزب الحاكم الاثيوبى ” الازدهار ” “Proceperty Party , “PP مؤتمره العام غدا الجمعة فى أديس أبابا.
يجيء انعقاد المؤتمر العام هذه المرة فى ظروف عصيبة تمر بها إثيوبيا وفى ظل صراعات وخلافات سياسية بالغة التعقيد افرزتها الحرب الأهلية المدمرة التى دمرت الاقتصاد المنهك اصلا وآلاف الضحايا لقوا حتفهم وتدمير للبنى التحتية كما شردت الحرب وهجرت اكثر من ثلاثة ملايين فى اقاليم العفر ، التقراى ، وامهرا الذى تم فيه لوحده تهجير 2 مليون مواطن عدا قرابة 100 الف عبروا الحدود إلى معسكرات اللجوء فى السودان من التقراى، الاقو ، والقيمانت والقمز.
كما ارتكبت جميع الأطراف مذابح عرقية مروعة استعملت فيها السواطير لقطع الرؤوس وتعرضت النساء والفتيات خاصة الاطفال إلى الاغتصاب. وتضرب المجاعة بشدة فى اقاليم العفر ، التقراى، امهرا، اوروميا والصومال ، وبعض اقاليم الجنوب ويرافق ذلك منع ووضع العراقيل أمام وصول شاحنات الإغاثة للمناطق المتضررة.
كانت أكبر أخطاء أبي أحمد الكارثية هو قراره بشن الحرب على التقراى فى حملته على الإقليم المتمرد والتى أسماها ” انفاذ القانون” وكان يعتقد أن بمقدوره خلال أيام قليلة القضاء على تمرد الجبهة الشعبية لتحرير التقراى TPLF لكن الحرب استمرت سنة كاملة واوشك التقراى TPLF وجيش تحرير الاورومو OLA على اقتحام أديس أبابا. وقبل ذلك تعقد المشهد السياسي والعسكري عندما انضمت معارضة مسلحة لتسعة اقاليم إثيوبية مع التقراى والاورومو وشكلوا تحالف سياسي وعسكري عريض يطالب ” بالكونفدرالية والفيدرالية” فى اقاليمها.
جذور خلاف أطراف النزاع الاثيوبى :
هى فى الأصل قديمة وتترسخ فى الانعتاق من هيمنة وسيطرة الامهرة على اثيوبيا وشعوبها كما يقول خصومهم ، اى بالإمكان القول هى انتفاضة الاقاليم الإثيوبية ضد المركز .
قاد الاورومو ثورة التغيير فى اثيوبيا واطاحوا بسلطة الحزب الحاكم السابق ، جبهة الشعوب الإثيوبية المتحدة، EPRDF والتى اقامت الفيدرالية عبر نظام حكم أئتلافى أثنى من الامهرا ، التقراى ، الاورومو، وشعوب الجنوب .
قاد ثورة التغيير ” جوهر محمد” والامهرا وقفز ابى احمد و” ليما مغرسا ” حاكم اوروميا وقتها فى صفوف الثورة لينتخب أبي أحمد عبر مؤسسات الحزب الحاكم وقتها EPRDF رئيسا للوزراء .
وبدأت الخلافات مع الجبهة الشعبية للتقراى TPLF الفصيل المهيمن على الائتلاف العرقى الحاكم عندما ألغى ابى احمد الحزب الحاكم السابق وفق رؤيته الإصلاحية مكونا حزبا حاكما واحدا اسماه ” الازدهار ” ومنها اتسعت الخلافات مع التقراى الذين رأوا أن الغاء الائتلاف هو مخالفة الدستور الاثيوبى وتم اقصائهم من مفاصل النظام.
المعارضين للنظام الفيدرالى ، يرون أنه يرسخ الخلافات ويهدد وحدة البلاد،إذ أن حصول كل عرقية على اقليم خاص بها أدى إلى صراعات وحروب لمطالبة تلك الاقاليم بتعيين حدودها واستعادة اراضيها من اقاليم أخرى،فيما يري أبي أحمد وفق رؤيته الإصلاحية أن الفيدرالية هى وحدة جغرافية فقط وان بالامكان عبر حزب الازدهار إن تكون تلك الشعوب الإثيوبية أمة واحدة داخل اثيوبيا.
الامهرا خاصة الوحدويين وهم الذين يدعون إلى حكم اثيوبيا وفقا للفكر الامبراطوري، اى هيمنة وحكم وسيادة الامهرا على اثيوبيا لضمان بقائها كدولة وشعوب متحدة ولن يتم ذلك الا عبر حكمهم بانفسهم لاثيوبيا وسيادتهم عليها .
يرى الامهرا اخطار تهدد وجودهم فى اثيوبيا يشكلها النظام الفيدرالي الذ انتزع منهم مناطق واسعة مثل اقليم بنى شنقول والذى كان من ضمن محافظة ” متكل” الامهراوية وصار اقليما منفصلا ، واقتطع التقراى محافظة ” والغالييت” وعاصمتها الحمرة وضموها لاقليمهم بموجب مرسوم دستورى وافق عليه البرلمان الاثيوبي. كما يهدد الاورومو باستعادة أراضيهم فى ” شوا” واستعادة أديس أبابا ” فيني فيني” لأنها فى قلب أراضيهم. لذلك يدعو الامهرة للحرب من أجل بقاء وجودهم. لان استعادة تلك المناطق لترجع لاقاليمها يتبعه طرد المستوطنين الامهرا الذين استحوذوا على موارد تلك المناطق واعدادهم بالآلاف.
بالنظر عميقا لهذه الخلافات نجدها هى فى الأصل
مشاريع سياسية الجذور جوهرها الصراع العرقى بين المكونات الإثيوبية وهى مشاريع سياسية متناقضة تعلى تضخيم الذات العرقية ويصف الوحدويين الامهرة المطالبين بالفيدرالية بالشوفينيين والريكاداليين وأنهم يدعون لتفتيت اثيوبيا .
هذه هى أبرز الخلافات التى تعصف بالمشهد الاثيوبى وحاولت قدر الإمكان عرضها بايجاز وتبسيط للقارىء السودانى .
رئيس الوزراء الاثيوبى أبي أحمد اقتنع تماما أكثر من اى وقت مضى انه لا سبيل للخروج من الأزمة الإثيوبية الا بالحوار ، ويقابل توجهه للحوار بمعارضة لايمكن تجاهلها من قيادات فى الحزب الحاكم.
فقد اعلن الوحدويين الامهرا معارضتهم للحوار والتفاوض مع OLA الاورومية TPLE / TDF لانهما منظمات إرهابية .
فى ظل هذه الأجواء الملبدة بالغيوم يأتى غدا الجمعة ،11 مارس 2022 المؤتمر العام للحزب الحاكم، الازدهار ، ” PP “فى أديس أبابا وكان قد سبقه قبل يومين مؤتمر تحضيري لقيادات الحزب الحاكم فى ” أدما ” عاصمة اوروميا التى حول الامهرا اسمها إلى ” نزاريت ” كعادتهم عندما يستوطنوا بأية منطقة يفرضون عليها ثقافتهم ، كما يطلقون اسم ” مازينكا” على الفشقة الخ.
يسود الصراع كواليس المؤتمر العام للحزب الحاكم ، إذ أن أبي أحمد رئيس الحزب يعمل على الاطاحة بالقيادات المناوئة للحوار والتى تدعوا إلى الحرب من صقور الامهرا ويستبدلهم بعناصر موالية وخاضعة له لتنفيذ سياساته الداعية للحوار والذى يرمى بكل ثقله عليه لأنه الحل الوحيد للخروج من أزمة الحرب.
لذا من المتوقع أن يتم الاطاحة بعدد كبير من القيادات بعد أن يتم ” تقييم ادائها” وهو اسلوب اثيوبى يخضع له موظفى الوزارات والهيئات الحكومية حتى أن ملس زيناوى كان يخضع له أيضا يتم استخدامه للإقصاء، خاصة هناك فضائح فساد فى قيادات الحزب الحاكم فى اقليم امهرة ومناطق أخرى.
من المتوقع ان تتم الاطاحة ب ” ديمكا مكنن حسن ” نائب رئيس الوزراء ، وزير الخارجية وهو من الامهرا.
يقال ان مجموعة ” ديمكا مكنن حسن ” فى الحزب الحاكم تدعم وتحرض سرا قوات الامهرا الشعبية ” فانو” التى تقود الحرب فى اثيوبيا وترفض الانسحاب من غرب التقراى ” الوالقاييت” بعد أن انسحب منها الجيش الاثيوبى وقوات امهرا الخاصة . وانسحاب قوات الحكومة الإثيوبية من غرب التقراى هو من ضمن شروط التقراى للدخول فى الحوار بعد أن انسحبوا من مدن امهرا فيما ترفض فانو الانسحاب لكيلا يستعيد التقراى محافظة الوالقاييت التى تجاور الفشقة الكبرى .
مجموعة ديمكا موكنن تمددت فى مفاصل الدولة وصارت قوى مؤثرة وفاعلة بعد لن انتزعت ابى احمد من حاضنته العرقية ” الاورومو” ولم يكن لهم ذلك النفوذ فى عهد الجبهة الشعبية لتحرير التقراى.
أيضا بيحاولوا إظهار أنفسهم كقوة لا يمكن تجاوزها فى الدولة ولديهم تحركات مضادة للاورومو ، كما إنهم يحاولوا فرض رؤيتهم فى ملفات شائكة مثل ملفات التقراى، بنى شنقول ، اوروميا ، السودان وابراز أنفسهم كقوة فاعلة . لذلك آبى احمد بيحاول ابعادهم مرحبا وترفيع قيادات موالية له وتطيعهه..
لكن من الملاحظ كل من تتم الاطاحة به سيكون مناوئا ومعارضا للنظام بقوة.
أيضا تتداول الاوساط الإثيوبية عن الاطاحة بأحد أبرز صقور الامهرا ” قدو اندرقاتشو” حاليا مستشارا لرئيس الوزراء للشؤون الأمنية، عمل سابقا حاكما لاقليم امهرا ثم تم تعيينه وزيرا للخارجية قبل أن تتم الاطاحة به وهو من غلاة الامهرة المتتطرفين وهو من أمر بسحب الوفد الاثيوبى المفاوض فى ملفات سد النهضة من واشنطن مما اغضب ترامب.
أيضا من المتوقع أن ” تمسقن طرونيه ” مدير جهاز المخابرات والامن الوطنى الاثيوبى ” NISS” سيتم تعيينه نائبا لرئيس الوزراء وعمل طرونيه مبكرا هو وأبى احمد معا فى تكنولوجيا المعلومات بجهاز المخابرات وطردهما ملس زيناوى بتهم فساد وفى وقت لاحق عمل حاكما لاقليم امهرا.
قبل اسابيع عمل ابى احمد على تنقية الأجواء مع اهله الاورومو واعتذر لهم عن إقصاء ” ليما مقرسا” وهو حليفىابى احمد.الرئيسى وهو من أتى به للسلطة وكان حاكما لاقليم اوروميا عند قيام ثورة التغيير التى اطاحت بديسالين عام 2018. كذلك أطلق ابى احمد سراح قادة حزب المؤتمر الفيدرالى الاورومى OFC من السجن بعد أن وجهت إليهم تهمة الإرهاب وابرزههم ” جوهر محمد” صاحب الشعبية الجارفة فى اوروميا وحمزه بورانا الخ.
مخرجات المؤتمر العام للحزب الحاكم هى المؤشر لمدى نجاح الجهود التى تبذل لانجاح الحوار الوطنى الشامل فى اثيوبيا أو عدمه.
لكن السؤال ما هو الدور الذى ستلعبه مجموعة الحزب الحاكم الازدهار فى اقليم العفر فى المؤتمر غدا ؟ بعد ان تخلى عنهم ابى احمد وسحب الجيش من الإقليم وتركهم لوحدهم أمام آلة التقراى العسكرية ؟؟؟؟