سنتحدى طالبان رغم كل شيء.. شهادات أفغانيات يروين فظائع
لا تقف تجاوزات حركة طالبان بحق النساء الأفغانيات عند حدود، من حرمان من التعليم إلى أبسط من ذلك بكثير.ورغم هذا، تتحدى النسوة في ذاك البلد الذي دخل ظلاماً دامساً منذ إعلان سيطرة الحركة على الحكم قبل
لا تقف تجاوزات حركة طالبان بحق النساء الأفغانيات عند حدود، من حرمان من التعليم إلى أبسط من ذلك بكثير.
ورغم هذا، تتحدى النسوة في ذاك البلد الذي دخل ظلاماً دامساً منذ إعلان سيطرة الحركة على الحكم قبل أشهر، كل الظروف، وبسرعة وحذر، تدخل مجموعة منهن الواحدة تلو الأخرى إلى شقة صغيرة في كابل للتحضير سرا لنشاط مقبل، وسط اعتقاد كامل أن مقاومتهنّ للحركة تستحق المخاطرة رغم خطورة الموقف.
في البداية، لم يكن عددهن يتخطى 15، لكنهن بتن اليوم بضع عشرات يرفضن عودة عقارب الساعة إلى الوراء بينهن عاملات سابقات في منظمات غير حكومية وطالبات ومعلمات وحتى ربات منزل.
وتخطط الناشطات لتظاهرات مناهضة لطالبان حينا، أو لرسم غرافيتي في الشارع يطالب بـ"الحرية" التي تقلصت مع عودة الحركة إلى السلطة في منتصف آب/أغسطس، حينا آخر.
هددوني وسأكمل
فبالنسبة لشالا (44 عاماً)، الموظفة الحكومية السابقة والوالدة لأربعة أطفال، تلاحقها حتى اليوم ذكريات حكم طالبان الأول، حين لجأت مع عائلتها إلى باكستان في فترة التسعينيات، بعد أن تقدّم أحد مقاتلي طالبان بطلب الزواج منها، ولم تعد إلى بلدها إلا بعد سقوط الحركة.
وتقول "أكثر ما أخشاه اليوم هو أن أرى الفتيات قابعات في المنزل مجدداً".
وبرغم تهديدات تلقتها من طالبان، على حد قولها، تحاول اليوم أن تُشارك في كل تظاهرة، تحضر الاجتماعات وتخرج سراً لرسم الغرافيتي، مثل "تحيا المساواة"، على جدران كابل.
وتضيف "كل ما أريده هو أكون مثالاً لشابات يافعات بأنني لن أتخلى عن النضال".
تلقت شالا تهديدات بإيذاء عائلتها، لكنها تقول إن زوجها يدعمها حتى إن أطفالها باتوا يرددون هتافات تطالب بالتعليم، داخل المنزل.
التحديات كثيرة
فيما أفادت شابة أخرى في الـ24 من العمر مؤكدة أن الأمر خطير لكن ليست هناك أي وسيلة أخرى، وأضافت أن عليهن قبول أن الطريق الذي سلكنهن مليء بالتحديات.
وتحدّت الشابة، على غرار نساء عدّيدات عائلتها المحافظة وعمّها الذي كان يرمي الكتب لكي يمنعها من التعليم.
غادر نصف ونصف باق
وغادر كثيرون البلاد، لا سيما بين الناشطين، بعد وصول طالبان إلى السلطة، خوفا من التعرض لهم.
وتقول شابة أخرى فضلت عدم الكشف عن اسمها "حتى إذا غادر نصف سكان البلاد، فإن النصف الثاني باق فيها".
يذكر أنه وخلال الأشهر الماضية، وضعت الشابات أطراً سرية للعمل، شكلنّ مجموعات صغيرة تضمّ كل واحدة عشر ناشطات فقط على تطبيق واتساب للتنسيق والتحضير لاجتماعات وتظاهرات.
وحين يتفقن على التوقيت والمكان، يرسلن قبل وقت قصير فقط التفاصيل لمجموعة أخرى تضم عدداً أكبر من النساء.
واللافت أن الدخول إلى مجموعات "التخطيط" على واتساب ليس بالأمر السهل، إذ تخشى الناشطات أن يتسلل "مخبر" إلى صفوفهنّ.
من أجل التأكد مما إذا كان يمكنهن الوثوق بنساء جديدات، يتقربن من الناشطات المعارضات، تُخضعهن هدى خاموش (26 عاماً) لاختبارات، فتطلب مثلاً منهن تحضير لافتات وشعارات في غضون ساعتين، وإن شعرت أنهن قمن بعملهنّ سريعاً وبإتقان، تقبل بهن في المجموعة الكبيرة.
قمع لا يوصف
يشار إلى أن طالبان كانت حكمت أفغانستان بين 1996 و2001، قبل أن يطيح بها غزو أميركي.
وقمعت خلال فترة حكمها الحريات وحجبت الحداثة عن البلاد.
وأكثر من عانى في حينه هنّ النساء اللواتي مُنعن من ارتياد المدارس والجامعات، ومن مزاولة العمل، ومن الخروج وحدهن الى الشارع. كما أُجبرن على ارتداء البرقع.
لكن في العقدين الأخيرين، وبرغم مواجهتهن الدائمة لمجتمع محافظ وذكوري إلى حدّ كبير، تمتعت الأفغانيات بمساحة حرية أوسع، وبات في وسعهنّ العمل والدراسة واختيار اللباس، ووصل بعضهن إلى مناصب في الدولة.
إلى أن عادت الحركة إلى سدة الحكم في 15 آب/أغسطس، عادت حركة طالبان إلى الحكم، وفرضت قيوداً على حريات النساء، منها الفصل بين الجنسين في مكان العمل ما أعاق عودة كثيرات إلى عملهنّ، ومُنعت النساء من الخروج في رحلات طويلة من دوم محرم وغيرها الكثير.